الجمعة، ديسمبر 23، 2011

فى رحاب عصفورٌ من الشرق

                          

 
                                                                                                                                                                                                            
عجباً لأمر الحكيم

فقد أسهب فى حبه

ذلّ قلبه لمعشوقته

لا أرى أحدا يستحق كل هذا الحب

لكن هذا عشقٌ وجنونٌ ولا يمكن له بحال من الاحوال أن يكون حباً

أشد ما يعجبنى فى اسلوبه تعمقه الفريد فى المشاعر

يصفها بدقة متناهية وبروعة خلابة  وبأسلوب فريد

لكن ما لا يعجبنى هى المشاعر نفسها

ربط حياته بمحبوبته

علّق كل  أمره عليها

كان يجوب الطرقات ويسهر الليالى ويسترقى السمع لأقدامها حتى تهدأ أهدابه ويغوص

فى نومٍ يصحبه الألم والأنين

ليستيقظ على معاناته
ورغم كل هذا العذاب لكنه كان مستمتعاً وكأن به سُكراً

وكأنه مخموراً فى حوانيت العشق المخملىّ

بئس العشق الذى يجعل من القلوب معابدا يُعبد فيها المعشوق من دون الله



أحزننى بشدة ذكره أمر السيدة زينب رضى الله عنها

ذكَرها فى غير موضِعها

وآسفاه هذا الشرك بعينه

فإنّ النافع والضار هو الله وليست السيدة زينب او غيرها من البشر

وإن كانت مشاعره قوية وصادقة

لكنها ليست فى نصابِها

لإن كل ما ذكره لا يُوجب إلا لله سبحانه وتعالى

فهو  الخالق سبحانه لا ينسانا ويذكرنا إذا ذكرناه ويوفقنا لما يحبه ويرضاه

ليته جعل كل الامور فى نصابها

فلا العشق المميت يكون للمعشوقة

ولا المناجاة و الرجاء يكون للسيدة زينب - لكنها للأسف عادات صوفية بئيسة -


ما استرعى إنتباهى

الثقافة العالية وفصاحته وقوة ألفاظه

ووصفه لمشاعره وقدرته على صوغها فى كلماتٍ تعرف مسراها إلى القلوب

ولكنها لا تحقق مغزاها ببراعة لأنها لم تصل إلى العقول أو على أقل تقدير إلى عقلى أنا !

لأن فيها إسراف واضح

أو هكذا كان وقعها على عقلى




ما زلتُ أتأمل حالنا نحن الشرقيين  المسلميين


ما بالنا أغرتنا حضارت الغرب الجوفاء


فهى حضارة مخوّخة خالية من كل معانى الحياة


حضارة بلا روح


لا نجد لهم ماضٍ ولا أتوقّع لهم مستقبل


يبحثون بالدولار عن كل شئ

وكما قال فى سرده إن كشفت فى صدر أحدهم قد لا تجد قلباً بل تجد دولاراً

فهم عبدة الدرهم والدينار

ووآسفاه  نجد فكرهم تسلل إلى حضاراتنا وصرنا نركض مثلهم خلف الدولار !

وتركنا أرواحنا أو أقولُ  تركتنا أرواحنا عندما وافقنا الأجساد فى سعيها





نؤمن نحن بالجنة والنعيم وهم لا يؤمنون إلا بما بين أيديهم

 لذلك من المفترض أن نكون سعداء !

فلدينا يقين بأن الارض ليست كل الحياة ولكن ما زال هناك حياة تنتظرنا وهى بالطبع

أجمل وأنعم للمؤمنين

قال تعالى : والآخرة خيرٌ وأبقى

أمّا هم فهم لا يؤمنون إلا بالأرض ولا يعرفون شيئاً عن السماء بل وينكرونه

لذلك نجدهم دائماً فى دوائر وحلقات مفرغة من الإكتئاب والضنك والشقاء

أما نحن المسلمون - بفضل الله - نؤمن بالله وبملائكته نؤمن بيوم الحساب نؤمن بالجنة

ونؤمن بالعقاب

لذلك الفقير على الأرض منا يحلم دائماً ويرجو ما عند الله فى جنته لذلك يحدث له توازن

ويستطيع أن يستمر فى حياة الارض  دون ضجر منها

أما إن تخلينا نحن عن هُويتنا وصرنا نركض مثلهم خلف كل ما هو لامع برّاق وحتى إن

كان يطغى على عقيدتنا تماماً

- فما عادت

عقيدتنا تهمنا ولا عادت أخلاق الإسلام هى أخلاقنا-


  فسيخزينا الله ويجعلنا صاغريين

وستتركنا أرواحنا وستضل حواسنا وسيعشش الهّمُ جوانحنا

فلن نحقق مرضاة الله ولا مرضاة أرواحنا ولكن سينعم الجسد فى شقاء الروح

 فأهلاً وسهلاً بالحضارة فى أحضان أرواحنا الناضبة وقلوب
نا الضالة ولنبحث على

شعوب غيرنا لتنعم بها !!!



فى النهاية

تطلعت نوعاً ما إلى الحياة فى باريس

-عاصمة النور -

هكذا يسمونها لكنى وجدتها ظلاماً بما عرفته عنها

مثلى تماماً

فاسمى نور لكن أجد فى نفسى ظلاماً عتيقاً


أبدع مسيو إيفان فى وصف الحضارة الاوروبية الزائفة

ما فائدة السرعة إن فقدنا إتصالنا بالطبيعة

ما فائدة الآلات وهى تشعرنا وكأننا أجساد من الألومنيوم

وكأننا منشار آدمىّ أو مخرط بشرىّ

قد يقضى الواحد عمره فى صناعة معينة لكنك تجده بعدها صار جزءاً من هذا الآلات بلا

قلب وبلا روح لا يفهم ولا يعى إلا كل شئ مادى

العواطف ليس لها مكان فى حساباتهم

انتحرت أوروبا بزيف حضارتها وسممت معها حضارتنا الباقية

فهى أستمدت علمها من منبع الشرق الأصيل وأضافت عليه مدنيتها وماديتها

حتى أصاب العطب منابعنا

وصرنا نسخاً من زيفهم !!

حتى مفكريهم شرعوا فى انتقاص مبادئهم

ولكن لا يصل إلينا منهم شئ

لا لبعد المسافة بل لأننا لا نسمع وما عادت تعى قلوبنا شيئاً

فما نسيتُ مقولة سارتر : نحن نتكلم هنا فى أوروبا ونسمع أصواتنا من أفواههم

ومازال هناك أناس بعد كل هذا ينادون بالليبرالية والعلمانية بل والإشتراكية !!

أى حماقة هذه !

العجيب أنهم يصفوا أنفسهم بالمثقفين

نعم فهم مثقفون ولكن ثقافة غربية عفنة ما وصلت إلينا إلا لتقضى على كل رطبٍ ويابس

فى بلادنا




سلّم الله بلاد المسلمين وردنا إليه مرداً جميلا











هناك تعليق واحد:

  1. فما نسيتُ مقولة سارتر : نحن نتكلم هنا فى أوروبا ونسمع أصواتنا من أفواههم
    وصرنا نسخاً من زيفهم !!

    للأسف ليس هناك ما يوصف حالنا مثل هذه الكلمات ، ليتنا ندرك ذلك

    ردحذف